الاثنين، 14 سبتمبر 2015

سويسرا بين الواقع والمثال (٨) الخاتمة



وبهذا أكون قد انتهيت من جولتي في سويسرا قضيت فيها ثلاثة أشهر إلا عشرا وكانت جولة فكرية أكثر مما هي سياحية.


وإن كان لابد من خاتمة فإني أضع خاتمة موجزة مبنية على المواضيع السابقة والتي حاولت فيها ألا اذكر المعلومات المعروفة عن سويسرا والتي ستقرؤنها في أي كتاب أو مقال يتحدث عن سويسرا، وعلى ما استنتجته في النهاية، وإذ كان بالإمكان وضع هذه الخاتمة في جملة واحدة فسأقول: “الإنسان أولًا”.


إن الحياة والنظام في سويسرا بكل ما يحتويه وآلية عمله تهدف أولًا وأخيرًا إلى خدمة الإنسان بغض النظر عن مركزه، عرقه، دينه، لغته..الخ، فالهدف هو أن يعيش السويسري حياة كريمة، فكل التركيز وكل تقدم تكنلوجي أو علمي في نهاية المطاف يستخدم لتوفير حياة كريمة للسويسري.


فسويسرا لم تنفق الملايين ليكون لها جيش تغزو به الدول وتكون لها مستعمرات ولا لها طموحات امبريالية، ولم تغزو الفضاء والمريخ وترسل اقمار اصطناعية للمراقبة والتجسس وتكون بمثابة “الأخ الأكبر” الذي يراقبك في كل وقت، فكل هذه الأشياء مع انها تقدم علمي إلا أنه لا يخدم الإنسان مباشرة فاستغنت عنها.


كل التكنلوجيا وجهت لخدمة السويسري وتسهيل عمله، فالعامل يستخدم أحدث الآلات والتقنية في أداء عمله حتى يزيد انتاجه ويكون أيسر له، حتى استطاع السويسري بالحليب ومشتقاته والشوكلاتة أن يدير اقتصاد من أغنى الدول في العالم.


علمتني سويسرا أن ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، وإنما عندما تشتري تلك الخبزة من عرق جبينك وأنت كلك كرامة، لك ما لك من الحقوق والحرية التي تؤمن بها وتسري في دمائك، والتي اخترتها وارتضيت بها واقسمت على أنك ستدافع عنها.


علمتني سويسرا أن الحرية حرة..