الاثنين، 23 سبتمبر 2013

الاعتصامات هي الحل !



بلا شك انه من الجيد ان يتم نشر الثقافة القانونية وذلك لما له من فائدة تعود إلى المجتمع بتعريفهم على حقوقهم والتزاماتهم وما لهم وما عليهم ، ولكن ما اخشاه هو ان تتحول هذه الثقافة القانونية إلى أداة للاستبداد وسلب حرية الشعوب  وتغفيلهم بمجرد إنها صُبغت بصبغة قانونية ، وتكون هذه الأداة كباقي الأدوات التي تم استغلالها كالدين والتقاليد والأعراف وكالشعارات البرّاقة كالقومية والممانعة التي اذلت الشعوب لعقود .

شاهدت مقطع فيديو على اليوتيوب نُشر بالأمس يتحدث عن الإعتصامات ، واعتقد انه يفترض انه يتحدث عن الإعتصامات في عُمان ، ومن باب الإنصاف والعدل فاتمنى من القاريء الكريم أن يتابع المقطع قبل الشروع في قراءة تعقيبي .


http://www.youtube.com/watch?v=ucpnEYBB4S8&feature=youtu.be



بالطبع هناك بعض النقاط التي نتفق حولها والاخرى نختلف ، وما دفعني للكتابة هو ان النقاط التي اختلف فيها مع  الأفكار التي وردت في مقطع الفيديو أكبر ، خاصة مع كلمة " لكن " التي تلحق جملة " الإعتصام حق مشروع " فيتم بعدها نسف أركان الإعتصام وتزيل منه اهدافه !


١- قانوننا أم قانونهم ؟
" اذا احنا كشعب ما احترمنا قوانيننا "

قبل الدخول في موضوع الإعتصام أرى انه من اللازم التحدث في الجذور ، ويجب ان نطرح السؤال على انفسنا أولاً : ما هو مصدر هذه القوانين ؟

لما كان الهدف من وضع القوانين هي تنظيم المجتمع ، كان لابد ان يتوافق مع الإرادة الشعبية ، وقد اُتخذ من ذلك عدة أساليب جعلت الشعب طرفاً في اصدار القوانين ، كالاستفتاء على القوانين ، أو توكيل نواب عن الشعب يقومون بإصدار التشريعات وغيرها من الأساليب المختلفة ، ولكن هل هذا متحقق فعلاً في عُمان ؟
الإجابة هي : لا . لأن مصدر القوانين هي السلطة ولم يدخل الشعب يوماً طرفاً لإصدار هذه القوانين ، بالتالي فإن السلطة ستراعي مصالحها أولاً ولو كانت على حساب الشعب ، فكيف لي أن اقنع شخصاً بأن يحترم قانوناً فُرض عليه ولم يُسأل عنه يوماً !؟

( تحدثت في مقال سابق عن علاقة القانون بالمجتمع )


٢- الواقع والمثال :

إن التحدث عن المثال منفصلاً عن الواقع يكون بمثابة الهذيان ، ويكون أقرب للخيال من الحقيقة ، وهو سهل نظرياً وصعب عملياً ، وبما ان مقطع الفيديو اهتم بالمثال دون الواقع ، فسوف نتحدث عن الواقع .

أولاً : الإجراءات القانونية :

لاشك أن فكرة ان يسبق الإعتصام اجراءات قانونية ( كما ذُكر في المقطع ولا أدري إن كان ينطبق عليها وصف قانونية ! ) هي فكرة ممتازة ومهمة ومثالية ، ولكن التطبيق له رأي آخر ، ففي البداية من يحدد المهلة القانونية وإن كانت مناسبة أو لا ؟ هذا الفراغ سيسبب مشكلة بالطبع كما حدث في قضية تلوث ولاية لوى المعروفة بقضية غضفان والتي كانت في عام 2010 ، وفي هذا الشهر من عام 2013 تم فض الاعتصامات واعتقال عضوي مجلس الشورى والبلدي و ٨ اشخاص آخرين بالقوة ، فهل مدة ٣ سنوات ليست معقولة أو كافية ؟

الأمر الآخر المتعلق بإعلام الجهات الأمنية بعد استنفاد اجراءات مخاطبة الجهات المعنية ، ما هو مصير هذا الإعتصام ان تم رفضه من الجهات الأمنية ، التي فضت جميع الإعتصامات التي حدثت المشروعة وغير المشروعة ؟


ثانياً : مشروعية الإعتصام :

كما فهمنا أن هناك نوعين من الإعتصام : مشروع وغير مشروع ، وغير المشروع هو الذي سينتهي به المطاف بفضهِ سواء كان بالغاز المسيل للدموع أو العصي وبغض النظر عن النتائج سواء كان الإعتقال أو الإصابات أو حتى إذا وصلت للقتل ! ، ويتبين لنا أنه لم يحدث إعتصام مشروع واحد في عُمان لانها في النهاية فُضت بالقوة ، سواء كان في احتجاجات 2011 " الربيع العماني " أو اعتصامات المعلمين أو اعتصامات دار الأوبرا أو اعتصامات ولاية لوى الأخيرة . 

ولنأخذ مثال على هذه الإعتصامات والتي عُرفت بقضايا الإعابة والتجمهر ، وبما اننا نتحدث عن الإعتصامات نأخذ قضية التجمهر ، حيث قام مجموعة من المواطنين بالتجمع دون عرقله أي طريق .



وبعد ذلك يتم اعتقالهم جميعهم وتقديمهم " لعدالة " المحكمة ، وقاموا بنشر صورهم في وسائل الإعلام المختلفة ، إلى ان وصلت الدعوى إلى المحكمة العليا وتم نقض الحكم وإلغاء الأحكام الصادرة .
فمن الذي يحدد اذا كان الإعتصام مشروعاً أم لا ؟ فهذا فراغ قانوني كبير .


٣- الاعتصامات هي الحل !

وهذه ليست مبالغة إن قلنا إن الإعتصامات هي الحل ، ولكن الحل في ماذا ؟ الحل في الاستماع إلى المطالبات والإصلاح والتغيير ، وخير برهان على ذلك احتجاجات 2011 ، فقد تم الاستجابة للمطالب - وإن لم يكن كلها - ولكن ظهر اثر الإعتصامات وبوضوح ، وبعد تغيير مراكز الوزراء ، رفض المعتصمون ذلك ، وبعدها تم اقتلاع رؤوس الفساد .
وهي وسيلة الشعب الوحيدة " السلمية " التي يستطيع فيها أن يعبر عن رأيه ويقدم مطالبه ، فلمن ترجع الفائدة اذا حاولنا ان نستصغر من هذه الوسيلة وإخترالها في مطالبات مادية ، واتهام المعتصمين بالفوضويين ؟

ختاماً اطرح تساؤلاً ، وهو : ما هي الوسيلة المثلى التي يستطيع الشعب ان يقدم بها مطالبه ؟ ولماذا لم نلمسها في أرض الواقع ؟


0 التعليقات:

إرسال تعليق