الأربعاء، 21 سبتمبر 2011

الاسلام والديمقراطية [ نظرية العقد الاجتماعي ]


2- نظرية العقد الاجتماعي :

ان من اهم نظريات الديمقراطية هي نظرية العقد الاجتماعي ومن اشهر الفلاسفة الذين حملوا لواءها هم : هوبز , لوك , روسو .
ويُلاحظ ان كل واحد من هؤلاء الفلاسفة كان له تفسير معين متأثراً بالافكار السياسية الخاصة في وقته .

الا انهم اتفقوا حول اساس نشاة الدولة والتي مقتضاها ان انتقال الافراد من حياة الفطرة الى حياة الجماعة قد تم بناءه على عقد اجتماعي بقصد اقامة السلطة الحاكمة .

ونظرية العقد الاجتماعي عند جان جاك روسو - وهو فيلسوف فرنسي - ان حالة الافراد في حياتهم الفطرية الاولى ان الانسان خير بطبعه , وهو مولود حراً فاضلاً تسود حياته الحرية والمساواة الطبيعية , وان هذه الحياة ما لبثت ان تتغير نتيجة تقدم المدنية وتعدد المصالح وتضاربها , وزاد الامر تعقيداً ازدياد التفاوت في الثروات بين الافراد , ففقدت بالتالي المساواة الطبيعية التي كانوا ينعمون بها في حياة الفطرة الاولى , وشقت حياتهم نتيجة قيام التنافر والحروب بينهم .

ولا ينكر روسو ان حالة الانسان الطبيعية الاولى حيث كان يسودها الحرية والمساواة كانت احسن حالاً منها في ظل الجماعة وذلك لم يتركوها الا مضطرين نتيجة تعارض المصالح وتضاربها .

ويجيب روسو على تساؤل طرحه وبه كلام مهم جداً حيث يتسائل : [ لقد ولد الانسان حراً ومع ذلك نراه اليوم مكبلاً فما سر هذا التحول ؟ ]
واجاب على ذلك : [ بان الالتزام الاجتماعي والخضوع للسلطة لا يمكن ان يكون اساسه القوة أو حق الفتح أو الغزو , فالالتزام الاجتماعي والخضوع للسلطة لا يمكن ان يقوما الا على اساس الاتفاق الحر بين افراد الجماعة وهذا الاتفاق هو الذي ينقلهم الى حياة الجماعة ...]

وهذا ينتج اثراً للعقد وهو انه طالما كان اصل السلطة أو الدولة وهي ارادة الجماعة - اي ان الاتفاق الاجتماعي والسيادة مردها الجماعة -  فانه لا يتصور ان تكون سلطة الحكام الا سلطة مقيدة ومن ثم يكون للافراد حق عزل الحكام اذا ما استغلوا سلطتهم ومسوا حقوق الافراد واعتدوا عليها .

هذا مجمل نظرية العقد الاجتماعي عند جان جاك روسو .

فهاجم البعض هذه النظرية - والتي هي من اهم نظريات الديمقراطية - بقصد مهاجمة الديمقراطية انها تنطلق من تصور كفري الحادي وذلك لان النظرية تصور ان الناس وجدو من غير خالق لهم وانهم وجدو بغير شريعة هادية أو قانون حاكم .

والمشكلة هُنا انهم عاملوا النظرية على اساس انها مشهد تاريخي ولم يعاملوها على اساس انها نظرية !
بل ان التاريخ الاسلامي سبق هذه النظرية من الناحية التطبيقية الملموسة .

فعندما يقول روسو : [ ان الانسان يولد حراً ] فقد سبقه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عندما قال : [ متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احراراً ] .
وعندما يقول روسو : [ الاتفاق الحر بين الجماعة ] , فقد سبقه المسلمون بمباعية أبو بكر الصديق كخليفة للأمة بعقد حقيقي .
وعندما يقول روسو : [ لا يتصور ان تكون سلطة الحكام الا سلطة مقيدة ومن ثم يكون للافراد حق عزل الحكام اذا ما استغلوا سلطتهم ومسوا حقوق الافراد واعتدوا عليها ] فقد سبقه الخليفة الاول أبو بكر الصديق بقوله : [ ايها الناس اني وليت عليكم ولست بخيركم فان احسنت فاعينوني وان اسأت فقوموني ]

فاركان النظرية وآثارها كأنها مستمدة من هذه المشاهد التاريخية للعالم الاسلامي وتوضح مدى تطابق ما قاله روسو وكأنه يصف الخطاب الشرعي المنزل قبل تأويله وتبديله .

0 التعليقات:

إرسال تعليق