الجمعة، 2 ديسمبر 2011

مرحـا بالليبرالية ..


يبدو أن الفتوى الاخيرة التي افتى بها الشيخ الخليلي - المفتى العام للسلطنة - والتي كان مضمونها عدم جواز زيارة دار الاوبرا " السلطانية " قد حركت بعض الاقلام والافواه , وكان ما بين مؤيد ومعارض لهذه الفتوى . ما لاحظته من كلا الفريقين انهم لا يتحدثون في محور واحد , اعني اختلافهم ليس في نفس النقطة وانما هذا يؤيد من لسبب ومن المنظور الذي يراه وذلك يعارض لسبب وبمنظور آخر .
فالمؤيدين يؤيدون الفتوى على اساس ان الاغاني حرام وهذا دار اغاني ودار الشياطين والعفرايت , اما المعارضين وبحسب ما رأيت ليسو مهتمين بمسأله ان الاغاني حلال أم حرام , لان هذا الامر في الاساس مختلف فيه فقهياً , ولكن المعارضة وكما تبدو تعود لاسباب سياسية أو انها ليست في محلها ..

ما الاحظة ان البعض ما زال في وهم [ اجمع العلماء ان الاغاني حرام ] وكأنه لا يوجد جدل فقهي في المسألة , بل يظن البعض ان الجدل وليد هذه اللحظة يقول به الليبراليين ومجموعة من ضعّاف الايمان الذين لا يفقهون في الدين شيئاً !
فأحببت ان اسرد " بعض " الأدلة لعلماء مسلمين طبعاً !
الذين يعجبني ان اقرأ لهم 

يقول الامام الغزالي : " النظر في الصوت الطيب الموزون؛ فإن الوزن وراء الحسن فكم من صوت حسن خارج عن الوزن وكم من صوت موزون غير مستطاب. والأصوات الموزونه باعتبار مخارجها ثلاثة: فإنها إما أن تخرج من جماد كصوت المزامير والأوتار وضرب القضيب والطبل وغيره، وإما أن تخرج من حنجرة حيوان؛ وذلك الحيوان إما إنسان أو غيره كصوت العنادل والقمارى وذات السجع من الطيور؛ فهي مع طيبها موزونة متناسبة المطالع والمقاطع فلذلك يستلذ سماعها. والأصل في الأصوات حناجر الحيوانات، وإنما وضعت المزامير على أصوات الحناجر وهو تشبيه للصنعة بالخلقة. وما من شيء توصل أهل الصناعات بصناعتهم إلى تصويره إلا وله مثال في الخلقة التي استأثر الله تعالى باختراعها؛ فمنه تعلم الصناع وبه قصدوا الإقتداء وشرح ذلك يطول. فسماع هذه الأصوات يستحيل أن يحرم لكونها طيبة أو موزونة فلا ذاهب إلى تحريم صوت العندليب وسائر الطيور. ولا فرق بين حنجرة وحنجرة ولا بين جماد وحيوان. فينبغي أن يقاس على صوت العندليب الأصوات الخارجة من سائر الأجسام باختيار الآدمى كالذي يخرج من حلقه أو من القضيب والطبل والدف وغيره "

ويقول ايضاً : " ومن لم يحركه السماع فهو ناقص مائل عن الاعتدال بعيد عن الروحانية زائد في غلظ الطبع وكثافته على الجمال والطيور بل على جميع البهائم، فإن جميعها تتأثر بالنغمات الموزونة. ولذلك كانت الطيور تقف على رأس داود عليه السلام لاستماع صوته. ومهما كان النظر في السماع باعتبار تأثيره في القلب لم يجز أن يحكم فيه مطلقاً بإباحة ولا تحريم بل يختلف ذلك بالأحوال والأشخاص واختلاف طرق النغمات فحكمه ما في القلب "

وايضاً : " أو يقال هو لهو ولعب، وهو كذلك ولكن الدنيا كلها لهو ولعب. قال عمر رضي الله عنه لزوجته: إنما أنت لعبة في زاوية البيت. وجميع الملاعبة مع النساء لهو إلا الحراثة التي هي سبب وجود الولد. وكذلك المزح الذي لا فحش فيه حلال "

ويقول ابن حزم : " ان من نوى باستماع الغناء عوناً على معصية الله فهو فاسق.. ومن نوى ترويح نفسه ليقوى بذلك على طاعة الله - عز وجل - وينشط نفسه بذلك على خير فهو مطيع ومحسن، وفعله هذا من الحق.. ومن لم ينو طاعة ولا معصية فهو لغو معفوٌ عنه كخروج الإنسان إلى بستانه متنزهاً، وقعوده على باب بيته متفرجاً، وصبغه ثوبه زوردياً أو أخضر أو غير ذلك.. "

طبعاً ليست هذه الادلة التي استدلو بها فقط , بل ان هناك ادلة كثيرة من القرآن والسنة
كذلك رد الاحاديث التي استدل بها المحرمين 
كذلك لم يكون الامام الغزالي وابن حزم من قالوا بجوازها
بل قال ايضاً ابن طاهر وابن ابي الدنيا وابن حمدان الاربلي والذهبي وابو بكر العربي وابن رشد والفاكهاني , وهلم جراً

يقول الشوكاني في كتاب نيل الاوطار :
[ أهل المدينة ومن وافقهم من علماء الظاهرية وجماعة من الصوفية الى الترخيص في السماع ولو مع العود واليراع ]

ويقول ابن نحوي في العمدة : " قال ابن طاهر هو اجماع اهل المدينة واليه ذهب الظاهرية قاطبة "

وذكر الماوردي اباحة العود عن بعض الشافعية

وقال ابن النحوي في العندة : " فقد روي الغناء وسماعة جماعة من الصحابة والتابعين "

فلا ادري لماذا بعض الاشخاص اخذوا المسألة انها انتصار لشخص !
وكأن الشيخ الخليلي هو الوحيد من قال بعدم جوازها !
واخذوا يرمون الاوصاف فيمن خالفهم في الرأي بالليبراليين والعلمانيين واشباهها 
ان كان الغزالي وابن حزم ليبرالين فمرحا باليبرالية , وأنا أول الليبراليين ..!!

السبت، 19 نوفمبر 2011

هل انتصر القانون الوضعي !؟

هذا السؤال سألته نفسي فيما هل انتصر القانون الوضعي الانساني على القانون الطبيعي الالهي ؟ ام ما هي العلاقة التي تربطهما ببعضهما البعض ؟ ويأتي هذا السؤال بعد مناقشتي لبعض الاشخاص حول موضوع " الاسلام والديمقراطية " , فأحسست وكأنني اجلس بين قطبين كل منهم ينهش من صوب .
فكان سؤال احدهم : بما انك تقول ان الاسلام والديمقراطية مبدأهم وجوهرهم واهدافهم واحدة فلماذا تتمسك بلفظة " ديمقراطية " ؟ اذا كما تقول ان ممارسات الشعب لسياسته هي واحدة فلماذا تصر على لفظة انتخاب أو استفتاء ولديك شورى ؟
ففي المجمل الاسلام قانون الهي والديمقراطية قانون وضعي . - انتهى حديثه -
عند قرائتي للسياسة الشرعية اتذكر قول الله تعالى : " وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَّاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ " [ يونس \ 19 ]

على سبيل المثال نأخذ الشورى , اختلف العلماء هل هي واجبة أم مستحبة واذا كانت واجبة فهل هي ملزمة للحاكم ؟ فمن هذا المنطلق هناك على الاقل ثلاث فرق وهي :
الفرقة الاولى : وترى انها واجبة ملزمة للحاكم
الفرقة الثانية : ترى انها واجبة ليست ملزمة للحاكم
الفرقة الثالة : ترى انها ليست واجبة - مستحبة -
وكل الفرق تستند الى القرآن والسنة بل وبنفس النصوص والايات !
فخرجنا اقل تقدير بثلاث فرق .
بينما في المقابل عندما يعرض استفتاء شعبي فان النتيجة تطبق وهي ملزمة قولاً واحداً , وعندما يجمع مجلس البرلمان على قرار فهو ملزم ولسنا بحاجة الى تفسير .
فما الذي حدث ؟ هل انتصر القانون الوضعي ؟
اذا ما قلت " شورى " فأي شورى انا اقصد ؟ هل ما ذهبت اليه الفرقة الاولى ام الثانية ؟
اي واحدة هي الصحيحة ؟ هل سيتم الاختيار بطريقة عشوائية وسنكون امام احتمال باننا على صواب ؟
ام سيتم الاستنجاد بالعقل للتوفيق بين المعقول والمنقول ؟
اسئلة كثير اطرحها على نفسي واعلم اني اطرحها على نفسي ولابد ان اجيب عليها !
القانون الطبيعي الالهي وحده لا يكفي , فالانسان لا يستطيع ان يفهم الا ما هو انساني فقط , وطبيعة الاشياء ليست بديهية وانما هي نتيجة يجب الوصول اليها , بالتالي نحن امام معادلة وهي :
القانون الطبيعي الالهي والقانون الوضعي الانساني لينتج لنا " القانون الوضعي الالهي "
فالتشريع الالهي هو المتمثل في القران الكريم , كلام الله الذي ينقله جبريل الى الرسول ليبلغه للناس ,
" قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ " [ البقرة \ 97 ]
اما بقية مصادر التشريع كالسنة والاجماع والقياس والاجتهاد .. الخ
ما هي الا تفسير وتوضيح مقاصد القران الكريم , اي فهم الارادة الالهية .
ففي حين اذا ما اعتبرنا الشورى قانون طبيعي الهي ويحمل ثلاث معاني , والاستفتاء قانون وضعي انساني ويحمل معنى واحد , فان القانون الوضعي الالهي هي ما فُهم منها ارادة الله , ونرى ان القانون الوضعي الانساني - الاستفتاء - توافق مع رأي الفرقة الاولى وهي ان الشورى واجبة ملزمة للحاكم , فلم يتم خلق او تشريع تشريعاً جديداً .
فعندما اقول انتخاب او استفتاء فأنا اعني الشورى الواجبة الملزمة للحاكم - وهو رأي جمهور المسلمين -
بعكس اذا ما قلت شورى ونكون امام مجموعة من الافكار تحاول ان تفهم الارادة الالهية !

السبت، 15 أكتوبر 2011

الاسلام والديمقراطية [ الخاتمة والمصادر ]


[ الخاتمة ]

ان ما آلت اليه الامة العربية اليوم حالة يرثى لها , في حين ان امم تخرج من الظلام ندخل نحن فيه ونصر على البقاء بين جنبات سواده , نتظاهر باننا نريد الاصلاح واننا على صواب فقط الحظ ليس بجانبنا , هي ليست مسألة حظ وانما مسألة تطبيق .
المشكلة ان " الفوضويون " يرفضون الديمقراطية على اساس انها حكم وضعي , فشنوا عليها حرباً بمألفاتهم بحكم انها مرفوضة وانها لا تؤدي الى نتيجة , وكأن حال الامة العربية بدون الديمقراطية الان فردوس على الارض , ان هذه الحرب في الاساس هي اقرارهم بالواقع الذي يعيشونه وما هو الا تبرير لاقناع انفسهم , فالواقع هو من يملي عليهم افكارهم .

الاسلام والديمقراطية ما هو الا وجهان لعملة واحدة واعني هنا الاسلام الصحيح بتطبيقه والديمقراطية الصحيحة بتطبيقها , الا ان الاسلام الصحيح بتطبيقه قد توقف بعد ان جاءت الملكية المستبدة , فاتت الديمقراطية للحد من هذا الاستبداد .
ان الديمقراطية حملت ما حمله الاسلام من مبادئ ولكن بعد وقت طويل فطرأ التغيير , فكان لابد من تغيير وتكييف الممارسات لتتناسب مع العصر الحديث , ولنا في الشورى مثلاً , مع ازدياد عدد سكان العالم لا يتصور ان تتم ممارسات الشورى مثل ما كانت عليه قبل 1400 سنة , ولكن هذا لا يعني بان نلغيها وانما نطوّر هذه الممارسة لتواكب عصرنا الحديث .

" قالت ان الملوك اذا دخلوا قرية افسدوها وجعلوا اعزه اهلها أذلة وكذلك يفعلون "
ان ملوك وحكام العرب اليوم قد اعجبهم الجلوس على الكرسي , ولا يتركوه الا اذا انفصلت ارواحهم عن اجسادهم ,
ولا يريدون ان يجلس على ذلك الكرسي الا هرقل آخر !
ويقوم بدعمهم رجال الدين اليوم , الذين اصبحوا مفتيّ الملوك , فانصرفوا عن انظمة الحكم واصبح شغلهم الشاغل التحليل والتحريم , نسوا او تناسوا ان الدين لا يقوم الا بقيام الدولة , ولكن كيف هو شكل هذه الدولة ؟ لم يعد لدى هذا السؤال اي اهمية سواء كانت دولة ام غابة ام مزرعة فالاهم هو المصلحة  العامة !

ما حدث في الآونة الاخيرة وما زال يحدث من انتفاضة على مستوى الامة العربية , ما هو الا انفجار لضغط قد تولد منذ ازمنة عديدة لتترجم على شكل ثورة تاريخية يشهدها العالم العربي , بعد سنوات من الاستبداد والكبت وسلب الحريات والتضييق على الشعب الذي  انتزعت منه السلطة ليعود من جديد ليسترد هذه السلطة وهو يعلم انه لن يستردها الا عن طريق الديمقراطية , لهذا كنت في مقدمة مطالب الثورات " نظام ديمقراطي " .


[ المصادر ]

- حقيقة الديمقراطية :
محمد شاكر الشريف

- مذاهب فكرية معاصرة :
محمد قطب - دار الشروق

- الحرية أو الطوفان :
د. حاكم المطيري 2003

- فلسفة القانون وتاريخة :
د. حسن عبد الحميد محمود - الطبعة الاولى 2006

- النظم السياسية والقانون الدستوري :
ابراهيم عبد العزيز شيحا

- هوبس : فلسفة , علم , دين :
ترجمة اسامة الحاج - الطبعة الاولى 1993 - المؤسسة الجامعية للدراست والنشر والتوزيع

- الشورى فريظة اسلامية :
علي محمد الصلابي - دار ابن كثير - سوريا

الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

الاسلام والديمقراطية [ الكنيسة ورجال الدين ]


5- الكنيسة ورجال الدين :

قبل الثورة الفرنسية كانت الكنيسة تتفنن في الطغيان , فكانت هي السبب الرئيسي لاستبداد الشعب باسم الدين , وذلك  بمنح الملوك الحكم المطلق فقوله مسموع وامره مطاع ولو قال ما قال وامر ما امر .
ومن ناحية اخرى ترهيب الناس اذا ما اطاعوا الملوك فهناك عذاب ينتظرك بعد الموت ان عصيت الملك . فاكتسبوا الملوك الصلاحيات المطلقة من الكنيسة وكل هذا كان باسم الدين من خلال تأويل الدين وتحريفه , فزعمت الكنيسة ان المسيح - عليه السلام - قد اعطى قيصر شرعية الوجود " اذاً اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله " وكأنهم ظل الله في الارض .
فانتشر في اروبا تلك الفترة كل انواع الفساد فنشات مظالم سياسية واقتصادية واجتماعية وتمثلت في نظام الاقطاع الذي ساد العالم الاروبي اكثر من عشرة قرون .
الى ان اشرق فجر الثورة فجر الحرية في عام 1789 لتلغي الملكية المطلقة وامتيازات الطبقة الاستقراطية ونفوذ الكاثوليكي , لتقوم هذه الثورة لفرض العدل والمساواة .
ومن اهم زعماء الثورة مونتسكيو صاحب مبدأ الفصل بين السلطات وجان جاك روسو صاحب نظرية العقد الاجتماعي وفولتير الذي انتقد التفاوت الطبقي , لتحل الديمقراطية محل الدكتاتورية .

اذاً كانت الثورة تريد تطبيق حكم المدينة فارتدت الى تراثها الاغريقي الروماني , ولكن السؤال المطروح والذي سأنطلق منه :
لماذا لم تلجأ الى الاسلام في ذلك الوقت ؟

في ذلك الوقت لم يكن المسلمون افضل حالاً , لما شهد العالم الاسلامي شدة في التراجع عن مبادئ تعاليم الدين المنزل في الخطاب السياسي حيث بدأ التأويل الظاهر على النصوص والاستدلال الغير صحيح , قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أول من يغير سنتي رجل من بني أمية " [ سلسلة الاحاديث الصحيحة ] وقال الالباني : لعل المراد بالحديث تغيير نظام اختيار الخليفة وجعله وراثه وهو الظاهر .
فتمت مصادرة حق الامة في اختيار الامام وتحول الحكم من شورى " ديمقراطي " الى وراثة " ملكي " واصبح الحكم حكم قيصر وكسرى بعد ان كان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - يقول :  " اني وليت عليكم ولست بخيركم , فان احست فاعينوني وان اسأت فقوموني " وبعد ان قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : " الامارة شورى من المسلمين من بايع رجلاً دون شورى المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي بايعه " وبعد ان قال علي - كرم الله وجهه - : " ايها الناس انما الامير من امرتموه " .
فانزلق الخطاب السياسي منزلق خطير بمصادرة حق الامة وجعلها هرقلية يبايعون ابنائهم وكلما مات هرقل قام مكانه هرقل .

فمع هذا التغيير الواضح هل رضي الفقهاء بما حصل ؟

في البداية ولاول تغيير ولاول ولي عهد لما اراد معاوية - رضي الله عنه - ان يبايع الناس ابنه يزيد اعترض عليه كبار الصحابة وفقهائهم وكان من بينهم : عبد الله بن عمر , عبد الله بن الزبير , عبد الله بن عباس , عبد الرحمن بن ابي بكر , والحسين بن علي .
فاضطربت امور الدولة كلها بسبب الخطاب السياسي الجديد فكانت دعوة اهل المدينة ومكة ( الرضا والشورى ) فقد كانت الشورى تعني حق الامة في اختيار الامام ومشاركته في الرأي فلا شورى مع الاستبداد والاكراه السياسي .

الا ان هذا الاعتراض تلاشى شيئاً فشيئاً مع مرور الزمن الى ان اصبح الفقهاء يقرّون بهذا التغيير , فكان للفقهاء ورجال الدين دور في اعطاء الملوك صلاحيات لا ينبغي ان تكون لهم وذلك من خلال اختزال المبادئ و تأويل النصوص و الفعل السلبي وهو الصمت وترك حقوق الامة مبعثرة .

فتم اختزال مفهوم الشورى تدريجياً , فاصبحت الشورى قاصرة على مشاركة الامة الامام في الرأي ثم تم اختزالها لاستشارة الامام اهل الحل والعقد دون الالتزام ثم تم اختزالها مرة اخرى على انها غير واجبة على الامام فان شاء فعل وان شاء ترك .

اما تأويل النصوص فقد وظفوا النصوص لواقع عصرهم لا لمبادئ الخطاب السياسي الاسلامي , فاصبح الواقع هو الذي يملي على مفاهيمهم من اجل اضفاء الشرعية عليها , ولم يكتفوا بذلك وحسب بل بترهيب الناس بفتاوى لا تجيز الخروج على الحكام او حتى التظاهر ولا اضعف من هذا , بل حتى لا يجوز نصحة وكله باطل شرعاً وستحاسب عليه ما بعد الموت , حتى وان كان الملك طاغية لا يراعي حقوق الشعب ومصالحه , مهما فسد في الارض وفسق فيها وسلب الحريات وهذا كله تحت شعار الدين والمصلحة العامة .
وشنوا حروباً على انظمة الحكم على انها وضعية قد وضعها البشر باستثاء الملكية الاستبدادية وكأنها هي الاخيرة الحكم السماوي المتمثل في تعاليم الدين الحنيف .

اما بالصمت واقرارهم الضمني بالاستبداد الحاصل نسوا أو تناسوا بأن هناك حقوق وحريات سلبت حتى حرياتهم هم ! 
واصبح الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مقتصر على المستضعفين في الارض اما الملك فهو اله لا يُسأل .

رغم ان رجال الدين والفقهاء لا يملكون نفوذ كنفوذ الكنيسة الكاثوليكية قبل الثورة الا انهم لعبوا نفس الدور , وذلك أولاً باقرارهم بالملكية ثم اعطاء الملوك الحكم المطلق ثم ترهيب الناس , لتتشكل نتيجة واحدة وهي الاستبداد والفساد المطلق .

لقد كان ماركس محقاً عندما قال : " الدين افيون الشعوب " ولكن ليس الدين المنزل , وانما الدين المحرف المؤول الذي تم اختزاله لمصالح سياسية لتخدم الحكام .
بعد انقشاع الظلام في اروبا لم يرغبوأ ان يدخلوا الباب الذي قد خرجوا منه !
فلو رجعوا الى الاسلام في ذلك الوقت لرجعوا مرة اخرى الى الملكية الاستبداية والتي يدعمها رجال الدين , فيعيدون التاريخ مرة اخرى مع ملوك اروبا والكنيسة .

الاثنين، 10 أكتوبر 2011

الاسلام والديمقراطية [ الفصل بين السلطات ]


4- الفصل بين السلطات :

يتكوّن النظام السياسي من ثلاث سلطات رئيسية وهي السلطة التنفيذية ووظيفتها تنفيذ القوانين , والسلطة التشريعية ووظيفتها سن القوانين , والسلطة القضائية ووظيفتها الفصل بين المنازعات .


فمن أهم مبادئ الديمقراطية هو مبدأ الفصل بين السلطات , حيث لا تكون هذه السلطات الثلاث متمركزة في يد شخص واحد فقط , والا ترتب على ذلك سلطة مطلقة بالتالي فساد مطلق وسيرجع هذا الاثر على الافراد بسلب حقوقهم وحرياتهم , فكما يقول جوستفان لوبون : " السلطة نشوة تعبث بالرؤوس " فما بالك بالسلطة المطلقة !

كذلك لن تكون للقوانين اي اهمية تذكر فبامكان اليد الواحدة سن القانون وتنفيذه لاهداف شخصية لا تتعلق بالمصلحة العامة , لهذا جاء هذا المبدأ للحد من استبداد الحكام .


اذا ما رجعنا الى الاسلام والى عصر الخلفاء الراشدين سنجد ان هذه الثلاث سلطات موجودة كذلك منفصلة , فلا تتدخل سلطة في شئون سلطة اخرى .

فكانت السلطة التنفيذية متمثلة في مؤسسة الخلافة , والسلطة التشريعية متمثلة في كتاب الله والسنة النبوية , والسلطة القضائية متمثلة في القضاة .



وكان من الواضح ان هناك فصل بين هذه السلطات , فلا يستطيع الخليفة عدم تنفيذ او تعطيل او تشريع الاحكام - السلطة التشريعية - , كما كان القضاء يتمتع باستقلال كبير لانه يستند الى الكتاب والسنة - السلطة التشريعية - بدون تدخل من السلطة التنفيذية , فلا وجود سلطة مطلقة في الاسلام وانما لكل سلطة مهامها واختصاصها .

الاثنين، 3 أكتوبر 2011

الاسلام والديمقراطية [ الانتخاب والشورى ]


3- الانتخاب والشورى :

مما لاشك فيه ان الانتخاب في النظام الديمقراطي يعد ركيزة اساسية , حيث بامكاننا ان نقول لا ديمقراطية بلا انتخاب , حيث ان الانتخاب هي عملية يدلي الناس باصواتهم لمترشح سواء كان شخص أو مجموعة تنوب عنهم وذلك حسب النظام الديمقراطي المتبع لدى الدولة .
وبغض النظر عن اذا ما كان الانتخاب يعتبر حق أو وظيفة فهو في النهاية يعد من اهم الممارسات السياسية .

ما اود قوله هو ان الانتخاب والمجالس البرلمانية ما هي الا اسلوب ونظام مطوّر من مدرسة الشورى الاسلامية , الشورى التي غابت تماماً عن الدول الاسلامية اليوم واذا كانت متواجدة فهي متواجدة بشكل صوّري .
وبامكاننا القول ايضاً في الشورى انه لا دين بلا دولة ولا دولة بلا امام ولا امام بلا عقد ولا عقد بلا برضى ولا رضى بلا شورى .

ولا ينكر مكانة واهمية  الشورى في الاسلام الا جاهل , وهذا الجهل اما جهل بالقرآن أو بالسيرة النبوية والتاريخ الاسلامي , ففي القرآن الكريم هناك سورة سميت بالشورى وما سميت بالشورى الا لمكانتها , وهناك آيات ذكرت الشورى مثل قوله تعالى : " وشاورهم في الأمر " وقال ايضاً : " وامرهم شورى بينهم " .

اما الشورى في السيرة النبوية فهي كثيرة ومتنوعة فترى ما يتعلق بالجانب السياسي وشؤون الامة وكذلك الجانب الاجتماعي , وسأذكر عدة امثلة على سبيل المثال لا الحصر لعدة المواقف استشار فيها النبي اصحابه :

1- الشورى يوم بدر :

- استشار الرسول - صلى الله عليه وسلم - اصحابه من المهاجرين والانصار في الخروج لقتال قريش , فابدى بعض الصحابة عدم ارتياحهم للمواجهة ولكن اجمع قادة المهاجرين على تأييد فكرة المواجهة ثم تلاهم الانصار .

- مشورة الحباب بن المنذر في بدر :
عندما قاد الرسول الجيش الى ادنى ماء من مياه بدر , قال له الحباب بن المنذر : امنزلاً انزلكه الله ؟ ام هو الرأي والحرب ؟ , فقال رسول الله : بل الرأي والحرب , قال : يا رسول الله فان هذا ليس بمنزل فانهض يا رسول الله بالناس حتى تأتي ادنى ماء من القوم - ويعني المشركين - فاخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - برأيه ونهض بجيشه حتى اقرب ماء من العدو .

- مشاورته - صلى الله عليه وسلم - في اسرى بدر :
فقد تشاور الرسول مع أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب حول مسأله اسارى بدر 

2- الشورى في غزوة احد :

فقد جمع الرسول - صلى الله عليه وسلم -اصحابه وشاورهم في البقاء في المدينة أو الخروج الى ملاقاة العدو , وكان رأي النبي البقاء في المدينة , الا ان كثير من المسلمين كانوا يريدون الخروج لملاقاة العدو , فدخل الرسول ولبس لامته فتبعه حمزة فقال يا رسول الله ان القوم تلاوموا فقالو : امرنا لامرك , فقال رسول الله : ( انه ليس لنبي اذا لبس لامته ان يضعها حتى يقاتل )

3- الشورى في غزوة الاحزاب :

- في حفر الخندق :
تشاور الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع اصحابه في كيفية المواجهة للاحزاب وكان رأي سلمان الفارسي بان يحفر خندقاً حول المدينة فأخذ النبي برأيه وامر بحفر الخندق 

- الشورى في محالوة الصلح مع غطفان :
حاول النبي تخفيف حدة الحصار على احزاب المدينة بعقد صلح مع غطفان , فاستجاب القائدان الغطفانيان عيينه بن حصن والحارث بن عوف وشرع الرسول في مفاوضتهم , وكان من بين البنود المتفقه يدفع المسلمون لغطفان " مقابل ذلك " ثلث ثمار المدينة كلها بمختلف الانواع , وقبل عقد الصلح شاور الرسول اصحابة في هذا الامر فكان رأيهم عدم اعطاء غطفان شئ من الثمار فأخذ الرسول برأيهم وتناول سعد بن معاذ الصحيفة فمحا ما فيها .

4- الشورى في صلح الحديبية :

حيث أخذ الرسول برأي ام سلمة بعدما قال لاصحابه قوموا فانحروا واحلقوا حتى قال ذلك ثلاث مرات فلم يقم منهم احد , فدخل على ام سلمة وذكر لها ما لقي من الناس فقالت : أخرج ثم لا تكلم احد منهم بكلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلق لك , فخرج فلم يكلم احد حتى نحر ودعا حالقه , فلما رأو ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق لبعض


هذه هي بعض المواقف على سبيل المثال لا الحصر على الشورى في عصر الرسول ومدى اهميتها , وان هذه الشورى كانت مقترنة مع حرية ابداء الرأي والاخذ برأي المرأة كذلك كما اخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برأي ام سلمة , ورغم انه - صلى الله عليه وسلم - هو القائد كان يأخذ برأي اصحابه بل واخذ برأي الاغلبية في غزوة احد بالخروج رغم انه كان يريد البقاء , فكان الرسول يعلّم اصحابه مبدأ الشورى فسار اصحابه على هذا المبدأ بعد وفاته , حيث صوروا لنا مشهد تاريخي حيث اجتمع المهاجرون والانصار ( حزبين ) في سقيفة بني ساعدة ودار بينهم الحوار الذي اشبه بما يكون حوار سياسي , وخرجوا بنتيجة ولم يحاول احد منهم ان يفرض ارائه فرضاً , وكانت الاغلبية الساحقة قد اختارت ابو بكر الصديق فخرج للناس وخطب خطبته الشهيرة .

فكما ان الشورى ذات اهمية في الاسلام كذلك الانتخاب في الديمقراطية والانتخاب يعد منظومة مطورة حتى تتواكب مع العصر الحديث فمثل ما ينصب الخليفة على المسلمين بالشورى كذلك في الديمقراطية يتم تعيين الحاكم بالانتخاب .
ومثل ما ان اهل الحل والعقد هم سراه الامة ويتبعهم الناس فيما يقررونه والمطالبون بجميع مصالح الامة , كذلك بالنسبة لاعضاء البرلمان او النواب , يتم ترشيحهم من قبل الشعب لرعاية مصالحهم والنظر في امورهم وهو يمثلون صوت الشعب , قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " انا لا ندري من رضي ممن لم يرض فارجعوا حتى يرفع الينا عرفاؤكم امركم " يقول ابن اثير : والعرفاء جمع عريف وهو القيّم بامور القبيلة أو الجماعة من الناس يلي امورهم ويتعرف الامير منه احوالهم .

وكما أن الرسول اخذ برأي الاغلبية في غزوة احد فكذلك في الاستفتاء الشعبي ياخذ برأي اغلبية الناس .
فرغم هذه المواقف التي تبين اهمية الشورى حاول البعض الطعن في مكانتها لاسباب مذهبية وسياسية , ولكن ما يهمني الآن هي الاسباب السياسية .

الأربعاء، 21 سبتمبر 2011

الاسلام والديمقراطية [ نظرية العقد الاجتماعي ]


2- نظرية العقد الاجتماعي :

ان من اهم نظريات الديمقراطية هي نظرية العقد الاجتماعي ومن اشهر الفلاسفة الذين حملوا لواءها هم : هوبز , لوك , روسو .
ويُلاحظ ان كل واحد من هؤلاء الفلاسفة كان له تفسير معين متأثراً بالافكار السياسية الخاصة في وقته .

الا انهم اتفقوا حول اساس نشاة الدولة والتي مقتضاها ان انتقال الافراد من حياة الفطرة الى حياة الجماعة قد تم بناءه على عقد اجتماعي بقصد اقامة السلطة الحاكمة .

ونظرية العقد الاجتماعي عند جان جاك روسو - وهو فيلسوف فرنسي - ان حالة الافراد في حياتهم الفطرية الاولى ان الانسان خير بطبعه , وهو مولود حراً فاضلاً تسود حياته الحرية والمساواة الطبيعية , وان هذه الحياة ما لبثت ان تتغير نتيجة تقدم المدنية وتعدد المصالح وتضاربها , وزاد الامر تعقيداً ازدياد التفاوت في الثروات بين الافراد , ففقدت بالتالي المساواة الطبيعية التي كانوا ينعمون بها في حياة الفطرة الاولى , وشقت حياتهم نتيجة قيام التنافر والحروب بينهم .

ولا ينكر روسو ان حالة الانسان الطبيعية الاولى حيث كان يسودها الحرية والمساواة كانت احسن حالاً منها في ظل الجماعة وذلك لم يتركوها الا مضطرين نتيجة تعارض المصالح وتضاربها .

ويجيب روسو على تساؤل طرحه وبه كلام مهم جداً حيث يتسائل : [ لقد ولد الانسان حراً ومع ذلك نراه اليوم مكبلاً فما سر هذا التحول ؟ ]
واجاب على ذلك : [ بان الالتزام الاجتماعي والخضوع للسلطة لا يمكن ان يكون اساسه القوة أو حق الفتح أو الغزو , فالالتزام الاجتماعي والخضوع للسلطة لا يمكن ان يقوما الا على اساس الاتفاق الحر بين افراد الجماعة وهذا الاتفاق هو الذي ينقلهم الى حياة الجماعة ...]

وهذا ينتج اثراً للعقد وهو انه طالما كان اصل السلطة أو الدولة وهي ارادة الجماعة - اي ان الاتفاق الاجتماعي والسيادة مردها الجماعة -  فانه لا يتصور ان تكون سلطة الحكام الا سلطة مقيدة ومن ثم يكون للافراد حق عزل الحكام اذا ما استغلوا سلطتهم ومسوا حقوق الافراد واعتدوا عليها .

هذا مجمل نظرية العقد الاجتماعي عند جان جاك روسو .

فهاجم البعض هذه النظرية - والتي هي من اهم نظريات الديمقراطية - بقصد مهاجمة الديمقراطية انها تنطلق من تصور كفري الحادي وذلك لان النظرية تصور ان الناس وجدو من غير خالق لهم وانهم وجدو بغير شريعة هادية أو قانون حاكم .

والمشكلة هُنا انهم عاملوا النظرية على اساس انها مشهد تاريخي ولم يعاملوها على اساس انها نظرية !
بل ان التاريخ الاسلامي سبق هذه النظرية من الناحية التطبيقية الملموسة .

فعندما يقول روسو : [ ان الانسان يولد حراً ] فقد سبقه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عندما قال : [ متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احراراً ] .
وعندما يقول روسو : [ الاتفاق الحر بين الجماعة ] , فقد سبقه المسلمون بمباعية أبو بكر الصديق كخليفة للأمة بعقد حقيقي .
وعندما يقول روسو : [ لا يتصور ان تكون سلطة الحكام الا سلطة مقيدة ومن ثم يكون للافراد حق عزل الحكام اذا ما استغلوا سلطتهم ومسوا حقوق الافراد واعتدوا عليها ] فقد سبقه الخليفة الاول أبو بكر الصديق بقوله : [ ايها الناس اني وليت عليكم ولست بخيركم فان احسنت فاعينوني وان اسأت فقوموني ]

فاركان النظرية وآثارها كأنها مستمدة من هذه المشاهد التاريخية للعالم الاسلامي وتوضح مدى تطابق ما قاله روسو وكأنه يصف الخطاب الشرعي المنزل قبل تأويله وتبديله .

الثلاثاء، 20 سبتمبر 2011

الاسلام والديمقراطية [ القرآن دستور ]


تعريف الديمقراطية :

لغوياً الديمقراطية مكونة من كلمتين مشتقتين من اليونانية 
الاولى : demos وتعني عامة الناس
والثانية : kratia وتعني حكم
ففي المجمل معناها حكم الشعب أو سيادة الشعب

ومن هُنا خُلقت مشكلة , حيث ان التعريف اللغوي وهو " حكم الشعب " يتعارض مع المبدئ التشريعي وهو " الحكم لله " وبهذا قال البعض ان الديمقراطية تتعارض مع الاسلام بمجرد التعريف اللغوي وبدون الرجوع الى نتائج ومبادئ هذا التعريف وما يترتب عليه .

سأضع عدة نقاط تكمن فيها مكامن الالتقاء :

1- القرآن دستور :

يهاجم البعض الديمقراطية كونها تستمد السلطة من الشعب وهذا تعارض مع الحكم الاسلامي اذ ان الكلمة العليا هي لله ويكون التشريع له وحده لقول الله تعالى : " ان الحكم الا لله " وهنا اسلوب قصر , وقوله ايضاً : " لا يشرك في حكمة احدا " .

ونرد على هذا الكلام : ان القرآن الكريم جاء باحكام كلية ومبادئ اساسية فاغلب ما ورد في القرآن الكريم من احكام انما هي احكام كلية وقواعد عامة تجب مراعاتها والاعتماد عليها , فلم يتعرض القرآن للتفصيلات أو الجزئيات في الاحكام المتصلة بالقوانين لاختلافها باختلاف البيئات وتغيرها بتغير المصالح .


فقررت النصوص القرآنية مبادئ اساسية وهي تتفق تماماً مع خصائص الديمقراطية كالشورى , والعدل , والمساواة .


واذكر فيما يلي بعض هذه الآيات :


- ضرورة الشورى : " وشاورهم في الامر "
- مبدأ العدل : " واذا حكمتم بين الناس ان تحكمو بالعدل "
مبدأ المساواة : " انما المؤمنون اخوة "
- حق ابداء الرأي : " قد سمع الله قول التي تجادلك "
- عدم المساس بأمن المحايدين :  " فان اعتزلوكم فلم يقاتلوكم والقوا اليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا "
- الرابطة الانسانية وانها فوق اعتبار الجنس والنوع : " يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء "


اليس من خصائص الديمقراطية الانتخاب كما هي الشورى !
وان الناس متساوون لا فرق في اللون او الجنس او الطبقة !
وان تصان الحرية وكذلك تصان حقوق المعارضة !


فأين التعارض بين المبادئ التي جاء بها القرآن وخصائص الديمقراطية !

اما في مسألة الفروع : لا انكر ان لابد ان نستمد " اصول الاحكام " والمبادئ الاساسية من القرآن الكريم وان حكم الشعب يجب ان لا يتعارض مع حكم الله , لان الديمقراطية كذلك حكم الاغلبية , ففي بلد اسلامي لا يتصور ان يجمع غالبية الشعب لمخالفة حكم الهي صريح !
والرسول الكريم يقول : " لا تجتمع امتي على ضلالة " .

ثم ان الشريعة الاسلامية شريعة مرنة صالحة لكل زمان ومكان , اخرج مسلم في صحيحه ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بقوم يلقحون النخل فقال لهم :  "لو لم تفعلوا لصلح " . قال فخرج تمراً رديئاً , فمر بهم وقال : " ما لنخلكم " ؟ , فقالوا : قلت .. كذا .. وكذا , قال : " انتم اعلم بامور دنياكم " .

وهذا اقرار من الرسول - صلى الله عليه وسلم - ان بالامكان الاجتهاد في الامور الدنيوية بما يناسب الناس وينفعهم .

النقطة الاخرى القرآن مختلف في تفسيره وكذلك المدارس الفقية , فاي طريق يجب ان نتبع !؟

فكما يقول هوبز : [ ... في حين يكون مقطع توراتي غامضاً من يفسره ؟ اذا كان في وسع كل واحد ان يفعل ذلك ( وترجمه التوراة الى اللغة العامية تدفع الى اتجاه تمكن اي كان من ذلك ) سنكون في الحال ازاء تعدد في القراءات , كيف يتم الاختيار فيما بينها ؟ هل سيتم الاستنجاد بالعقل ؟ او سيتم اتخاذ القرار لان احدى هذه القراءات اصوب من غيرها ؟ او انه سيكون من حق كل واحد ان يؤسس بدعته الخاصة المتحلقه حول تفسره ؟ يقول البعض ان هذه الامكانية الاخيرة تقود بسرعة الى الحرب الاهلية او على الاقل الى الفوضى الدائمة .... ]

وبالفعل هذا ما نواجهة !

وعند الاشاعرة بقولهم : أن العقل الانساني اقل قدرة من العقل الالهي وبالتالي فان الانسان غير قادر على فهم ارادة الله في خلقه , فالعقل الانساني غير مؤهل الا لفهم ما هو انساني فقط , فبحسب هذا الاتجاه فان الانسان وجب عليه مراقبة الطبيعة والكون لاستخراج القوانين , وهذا ما دُلل عليه القرآن بالتدبر في الكون في اكثر من موضع .

الاسلام والديمقراطية [ تمهيد ]


[ تمهيد ]

ان المتتبع لاحوال الدول الاسلامية اليوم سيرى ذلك التراجع الكبير في مختلف المجالات , والمتتبع اكثر لها سيرى انها لا زالت في تراجع , فهي الى الان لم تستقر في نقطة حتى تبدأ التقدم من جديد , وعندما اقول من جديد اي انها كانت متقدمة في يوم من الايام , كيف لا ولقد عاشت الدولة الاسلامية قمة الازدهار في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي .

ولكن .. اصبحنا وكأننا في القرن الرابع عشر ولا زلنا نتدرج في النزول وبالطبع الى المجهول .

والسبب في ذلك هو نفس السبب التي كانت عليه اروبا في نفس القرن , انه التحريف .. تحريف الدين .
وان صح القول ايضاً انه التأويل والتبديل .. 
ليست هذه المشكلة وحسب وانما الاصرار على الخطأ وعدم الاقرار به
ونسوا ان عليهم الاعتراف بالخطأ اولاً ثم يبدئ التغيير , وهكذا نكون قد خرجنا من عصرنا المظلم 
الذي اقرينا بأن نعيش احداثه ..

ما استحدث عنه هو الاسلام والديمقراطية
وانك اذا ما رفضت الديمقراطية بمفهومها الصحيح , فانك ترفض الخطاب السياسي
الشرعي المنزل , وسأوضح خلال حديثي مدى ارتباط الديمقراطية بالاسلام 
وما الديمقراطية الا مأخوذه من تعاليم الاسلام المنزله وليست " المؤوله " أو " المبدله " ..

يتبع ,,,

الاثنين، 5 سبتمبر 2011

سلسلة الانحطاط :: همزة القطع ::



لن ابالغ ان قلت اني سأتحدث عن العصر الجاهلي
وهذا الشئ يبرز في اكثر من موضع
اذ ان بعض الموروثات الجاهلية ما زالت موجودة
بل متفشية بكثرة ..

جاء الاسلام ليخرج الناس من عبادة العباد الى عبادة رب العباد
ولكن هُنا على ما يبدو لم يصل الاسلام بعد !

فوجدت منهم ما زال يعبد الناس ويمجدهم ويقدسهم
والاخر ثقافته تقية , فاذا قابلهم حرك عضلات وجهة
لابتسامة عرضها السموات والارض 
واذا ادبر اسود وجهة وهو كظيم ..

همزة الوصل لهم دور كبير في توصيل صوت اهالي المنطقة الى الجهات العليا
ولكن كما يبدو لي انهم همزة قطع !
اما عن الاسباب فأنا اول من يتحمله ..

فكل مشروع يريدو ان يعطلوه
وهذا التعطيل ليس به حكمة وانما للمصالح الذاتية
فحوض المسرات كارثة لصهاريج المياه
والمحلات التجارية الكبرى كارثة لفتاتهم ..

الناس اقرو بالذي فرض عليهم
والمضحك ان مفهوم اهل الحل والعقد لديهم ملخبط
بنوه على ما فُرض عليهم
فمتى سنصلح مفاهيمنا !

سلسلة الانحطاط :: المقدمة ::


منذ ان كان عمري 6 سنوات وانا احب المجئ الى هنا
رغم اني أأتي في المناسبات وهي فترة محدودة الا انني اشعر بالسعادة
فأنا وسط اهلي ..

اكبر وتكبر معي الاماني , واني سأقيم هنا رغم انه لا يوجد شئ يذكر سوى الاهل ولا شي غيرهم
الا اني متمسك بامنيتي واملي كبير بان هذه الارض هي الارض الموعودة كأرض الميعاد عند اليهود
نعم .. الواعدة كما سماها جلالة السلطان قابوس , وستكون افضل بقة تشرق عليها الشمس ...

بعد مرور 13 سنة لم اجد ما وعدت به ولم يحصل التغيير
بينما تغيرت انا وتغيرت افكاري , ومن بين هذه الافكار التي تنازلت عنها 
انها واعدة هذا هراء !
لا اعتبر نفسي يأست ولكن وحدة الواقع من فرض علي هذا 
فلم يتغير شئ فالارض الموعودة سوى فتات هذا في الجانب المادي
اما المعنوي ففي الاساس لم افكر به
ولو فكرت لكان افضل حتى لا اعيش ذلك الوهم السحيق


هناك خلل ولا بد من وجوده 
عبري لم تتغير لان هناك شئ لم يتغير 
فالذي لم يتغير هم الناس انفسهم
فسأوضح كيف لهؤلاء الناس لم يتغيرو ولم اشهد هذا التغيير
وقبل عن اضع النقاط على الحروف لدي ملاحظتين

الاولى : نظرتي ولا الزم بها غيري
الثانية : اتحدث عن الاغلب ولا اعمم , اي هناك من رحمو انفسهم فرحهم ربي ...

السبت، 30 يوليو 2011

عدو صديقي هو صديقي !


«أصدقاؤك ثلاثة وأعداؤك ثلاثة، أما أصدقاوك فهم صديقك، وصديق صديقك، وعدو عدوك، وأما أعداؤك فعدوك، وصديق عدوك، وعدو صديقك»

هذه العبارة عادةً ما كنت اسمعها في الطابور المدرسي
مع اني لا اعلم من قائلها الا انني كنت اشكك بها

ما صادفته اليوم جعلني افكر اكثر واكثر في هذه المقولة
المسألة كالتالي :

لدي صديقان الأول سنرمز له بالرمز س والثاني ص
وس و ص اعداء !

بالنسبة لي : س هو عدو صديقي ص
فاذا طبقناه على المثال س يعتبر عدوي !
بينما هو في ارض الواقع صديقي !

وكذلك الامر نفسه اذا طبقناه مع ص

وبالنسبة لـ س : أنا صديق عدوه ص
فاذا طبقناه على المثال فأنا عدوه !
بينما في ارض الواقع انا صديقه !

وكذلك الامر نفسه اذا طبقناه مع ص

الامر في الواقع مختلف تماماً
اكتب هذا الكلام وانا متحسر لما وصل اليه البعض
فكم حاولت جاهداً التقريب بين الاعداء وكلاهما اصدقائي
وفي النهاية تقع أنت الضحية !
ولكن وحدهم الاصدقاء الحقيقيون يستحقون التضحية ...


الأربعاء، 27 يوليو 2011

لماذا لا يُستساغ


ابدأ من حيث انتهيت
مودعاً لعالم المثالية " المنتديات "
الى عالم حرية الرأي " التدوين "
وليكن عبارة عن تساؤل
لماذا المنشار اصبح لا يُستساغ !؟

جلست افكـر بالاسباب لعلي اجد سبب مقنع
فلم اجد الا سبب واحد , وهو ان المنشار اصبح يشكل مصدر خطر
أين يكمن هذا الخطر !
لأوراق كانت لدي لم ادرك انها بذلك العبئ

ان كنتم تتسائلون من هو المنشار ؟
فالجواب هو انسان وقح عديم الاخلاق يمثل الجانب المظلم والشر
هو الشيطان بعينه .. الذي اصبح كـابوس لهؤلاء

اذاً مسأله اخلاق فلنرى الاخلاق التي يصرخون بها !

من المعلوم ان عند تسجيلك في المنتديات من المتطلبات بريدك الالكتروني
فبريدك الالكتروني في ما معناه في ايدي امينة
ولكن يقوم المدير العام ويستخدم صلاحياته ليأخذ بريدك
ويضعه في محرك بحث الفيس بوك , ليكتشف من أنت !
ليكتشف من انا لا بأس ولكن هل أنا الوحيد من عُمل له هذه الحركة !؟
لذى أنا انصح الفتيات - خاصة - بأن لا يقومن بادراج بريدهن الذي يستخدمنه

واعتقد أن الامانة مندرجة تحت الأخلاق ..!

أم انه الأمر متعلق بالورقة الثانية
عندما لا يستطيع المستشار مجاراتك يستخدم صلاحياته
هذه لا بأس بها , ولكن ان يتم وصفك " بالمريض نفسياً "
ثم تحذف الردود ويبقى رد لك عبارة عن مقطع اغنية به كلمة بهائم
فأنت مصيرك جهنم والعياذ بالله , اما نحن فملائكة منزهون ..
واشتغلو بالتدليس ليبقى الشيطان هو المخطئ
وعندما تقابلهم شخصياً لا يردو على هذه النقطة !

أم هي الورقة الثالثة
ولا اريد ان ادنس وانزّل من قيمة ورود مدينتي الجميلة مسقط
عندما تقوم احداهن في الخلوة " الرسائل الخاصة "
وتلقي عليك الكلام الغزلي المعسول
بينما أنا لا اواجه الكلام بالمثل والتزمت الأدب
وعندما تكتشف انه هو نفسه المنشار تتجنبه !
الشيطان هذه المرة في موقف لا يحسد عليه

مرحا بالاخلاق التي تناشدون بها
مرحا بالافكار التي سكنت عقولكم
وليسقط الشيطان في قعر جهنم ..




الافتتاحية ..!


الســلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,

ثمار 19 سنة 
قضيتها في هذه الحياة
من افكار ومواقف وعبر ودروس ..

هذه هي مدونتي ببساطة
لن اكثر فـي الكلام فللحديث بقية
ولكل مقام مقال ...